Wednesday, April 3, 2013

Hot Air, by the bucket-load – "فَـــنْجَرة بُؤ بالزوفة"



للأسف لا يمكن التعبير عمَّا يحدث في مصر الآن باللغة العربية الفصحى في معظم الأحوال.  و يصبح اللجوء الي لغة الشارع (مثل "فنجرة بُؤ") هو الطريقة الوحيدة للتعبير الموجز عن احداث و فكر لا وجود لها إلا في ذلك المجتمع الغريب و الذي يزداد غرابة و سفهاً ساعة بعد ساعة.  حضارة المبالغات اللغوية ليست جديدة علي مصر و لا علي المجتمعات العربية عموما حيث تصبح كل خناقة "أم المعارك" و كل حاصلا علي ليسانس كلية حقوق "فقيه  دستوري" و كل من ذهب إلى مؤتمر خارج البلد "خبير دولي".
نشأت في مصر و أنا اسمع أن جنود مصر "خير أجناد الأرض"  (إعتمادا علي حديث شديد الضعف بُنسب للرسول عليه السلام) في حين أن مجمل إنتصراتهم خلال مئة عام لا تتعدَّى 4 أيام بين 6-10 أكتوبر عام 1973.  و علي نفس النمط يمكنك الحكم على اقوال مثل: "دكاترة مصر أشطر دكاترة في العالم" و "القضاء المصرى احسن قضاء في العالم"  أمَا "الطيار المصري فهو اللي مفيش حد زيُّه في الهبوط بالطيارة – كأنك نازل علي مخدة ريش نعام" ، إلخ  إلخ إلخ.
أما اذا تسائلت لماذا إذا تعيش مصر في بؤس ليس له مثيل و تفشل فشلا ذريعا في كل ما يُشكِّل مقوِّم من مُقومات الحضارة فإن الرد دائما جاهز:  "الموضوع كله في الإمكانيات" و "أصل السِسْتم مِش مِساعِد" – متناسين داتما أن التخطيط في ضوء الإمكانيات و ان تصميم "السِسْتم" كله في يد كل هؤلاء العظماء الذبن لا يوصفون أبدا إلا يإستعمال صيغة "أفعَل للتفضيل" عند ذكرهم يالمقارنة بنظرائهم في العالم.
لماذا أذكر هذا اليوم؟  لِأنَّني "فاض بِيَّا و ملِّيت" (كما تَغَنَّت أُم كلثوم) من سماع الجمل التالية و كلها " فَـــنْجَرة بُؤ" تقال على سبيل
التهديد الخالي دائما من كل مضمون:
  • "الشيء الفلاني خط أحمر": فجأة البلد امتلأت خطوط حمراء نظريا لا يجوز تجاوزها إذا حسبنا سذاجةّ أن التهديد وراءه أي قوة جدية.  و المضحك أن الشيء الأحمر الوحيد الذي يجب عدم تجاوزه حقيقة هو إشارات المرور الحمراء و اللتي لا أظن أن شخصا واحدا في مصر توقف عندها علي مدى اعوام و مع ذلك لا اظن ان شخصا واحدا دفع مخالفة مرور بسببها.
  • "فلان الفلاني لحمُه مرّْ" حتي يكاد يظن السامع ان كل الناس في مصر "لحمهم مرّْ".  و هذا التعبير يقال عندما يجرؤ كائنا من كان أن ينتقد بعض من ترضي عنهم سواء كانوا سياسيين او علماء دينيين و اعضاء في سلك القضاء الى آخره من الفئات التي يعتبر إنتقادها كما لو كان تجاوزا على الذات الإلهية.
  • أما ثالثة الأثافى فهىَ "انا تحت إيدي مستندات هتقلب الدنيا و هتوديهم في داهية".  منذ يناير 2011 و أنا اسمع مثل هذا الإدعاء من أعضاء الحزب الحاكم و أعضاء المعارضة و الفلول و كثير من الأشكال التي تجد من يستمع إليها و ينشر إدعاءاتها و هي "لا تُساوِي نِكْلة".  و حتى اليوم لم أري أو أسمع عن مستند واحد نُشِر أو أُستُعمِل أمام القضاء و أدَّى إلى إدانة مجرم أو هارب أو مُختَلِس أو سياسي سابق من أى نوع.
 إعتَدْت في الماضي وصف الواقع العربي المعاصر بـ "Culture of Rhetoric" : كثير من الكلام و أقل القليل من المضمون على مدي قرن كامل على الأقل.
للأسف ان الربيع العربي لم ولن يغير هذا الواقع المريض لعدة عقود.
خالد