Thursday, March 7, 2013

ريشة الرسم لم تصنع فان جوخ



محور رئيسي من محاور الخلاف السياسي في مصر هو الأتفاق – أو الإختلاف -  علي أدوات الحكم.  من الدستور و صياغته الى قانون الأنتخابات و دور المحكمة الدستورية في رقابته – سابقة ام لاحقة ام كلاهما -  و حتي عدد قضاة المحكمة الدستورية في الدستور الجديد و هل كان هناك منطق في تغييره ام أن الأمر كله تم لأغراض سياسية دفينة في "العقل الأجرامي و القلب الأسود" للإسلاميين في مصر.  و من حين لآخر بضرب البعض الأمثلة من دساتير "الدول المتحضرة" لإثبات فشل الإخوان و كيف انهم – و أنهم وحدهم -  وراء كل مصيبة في مصر.
رأيي كان وما زال أن المصريين اصبحوا مركزين نهائيا علي أدوات الحكم و فقدوا أو تناسوا العنصر الأهم في المعادلة.
هناك العديد المتباين من الدساتير و قوانين الأنتخاب في "العالم المتحضر" و كلها صالحة لمجتمعاتها. منها ما بضمن رقابة سابق للمحكمة الدستوريةعلي القوانين و منها ما يبيح فقط الرقابة اللاحقة علي القانون و فقط إذا طُعِن في دستوريته.  لكن إفتباس أي من الدساتير او القوانين لن  يجعل مصر دولة متحضرة.  شراء سيارة فاخرة لن يجعل الجاهل بالقيادة سائقا ماهراً كما أن شراء كمبيوتر فائق السرعة لن يجعل من ضعيف العقل عالم صواريخ.
بؤرة الصراع اصبحت العنصر الخطأ و هو الأدوات القانونية مع تناسي مُتَعمَّد للعامل الوحيد الذي له معنى: العامل البشري و الذي بتم تجاهله لأنه أصعب العوامل و أ بطأها في التغيير – عقدين من الزمان مع التفاؤل.  تغيير البشر ليس "هدفا عملِيا" لمعظم السياسيين الذين يريدون كرسي الحكم أولاً و  بأسرع فرصة و " سنبدأ النظر في المشاكل الحقيقية" عندئذ.
القوى الوحيدة التي استثمرت في العامل البشري على مدي  30أو 40 عاما مضت  كانت القوي الإسلامية. و قد ظهر للحميع العائد علي هذا الإستثمار في كل الإنتخابات منذ الثورة في مصر. و سواء اتفقت مع أو كرهت دور هذه الجماعات في تغيير او غسيل مخ - حسب اتجاهك السياسي -  الأفراد الذين يصوتون لهم بمواظبة و إخلاص فلا بد ان تعترف لهذه الجماعات بالنجاح فيما خططوا له.
علي النقيض من الإسلاميين قام التقدميين و اللبراليين و اليساريين و الناصريين بالعمل مع قلة من الشعب و هم القلة اللذين إختاروا هذه التيارات لميلهم لهذة العقائد السياسية من البداية و ليس لأن هذه التيارات تواصلت معهم لتقنعهم بنفسها.
هذه التيارات - الإستعلائية و النخبوية في معظم الأحيان – يجب أن تعلم انه ليس هناك عصا سحرية و أن تغيير ادوات الحكم – قانونية أو مؤسسية – لن تؤدي لنجاحهم ما داموا بعيدين عن العنصر الوحيد المؤثر في النجاح السياسي : العنصر البشري.  وإذا لم يدركوا هذا بسرعة فلا أمل في تغيير وضعهم السياسي الحرج او المستقبل المصري الذي لا يبدو مشرقا.

No comments:

Post a Comment